مثل الاولاد

إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. (متى 18: 3) 

قبل الكرامة التواضع. إن السماء تختار العامل الذي، كيوحنا المعمدان، يأخذ مكانا متواضعا أمام الله، ليحتل مكانا ساميا أمام الناس. وأقرب تلميذ إلى التشبه بالأولاد هو أكفأ إنسان في خدمة الله. إن رسل السماء يتعاونون مع ذاك الذي لا يطلب مجد نفسه بل يطلب خلاص النفوس. وإن من يحس إحساسا عميقا بحاجته إلى معونة الله هو الذي يتوسل في طلبها، والروح القدس يعطيه لمحات من يسوع التي تعينه وترفع نفسه. وإذ يخرج من مقدس الشركة مع المسيح سيذهب ليخدم أولئك الذين يهلكون في خطاياهم. إنه ممسوح للقيام بخدمته وإنجاز مهمته، ولا بد من أن ينجح حيث قد يخفق كثيرون من العلماء وجبابرة العقول ولكن عندما يشمخ الناس بأنوفهم وهم شاعرون أنه لا يمكن الاستغناء عنهم لضمان نجاح تدبير الله العظيم فالرب يلقي بهم جانبا. وسيتضح أن الرب غير موقوف عليهم. والعمل لا يتوقف لكونهم قد أخرجوا منه بل يسير إلى الأمام بقوة أعظم.

لم يكن يكفي أن يتعلم تلاميذ يسوع منه عن طبيعة ملكوته فقد كانوا بحاجة إلى تغيير قلوبهم حتى يكونوا في حالة انسجام مع مبادئ الملكوت.  فإذ دعا يسوع إليه ولدا صغيرا أقامه في وسطهم ثم بكل رفق وحنان احتضن ذلك الصغير بين ذراعيه ثم قال لهم: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. (متى 18: 3).  إن صفات البساطة ونسيان الذات،  والمحبة الواثقة التي يمتاز بها الطفل الصغير هي الصفات التي تقدرها السماء.  وهذه هى مميزات العظمة الحقيقية.

ومرة أخرى أوضح يسوع لتلاميذه أن ملكوته لا يتميز بالعظمة أو المظاهر العالمية.  إن كل هذه الفروق تنسى عند قدمى يسوع.  فالغني والفقير والعالم والجاهل يتلاقون دون تفكير في نظام الطبقات أو الرفعة العالمية.  بل الجميع يتلاقون كنفوس مشتراة بالدم والجميع يعتمدون على ذاك الذي قد افتداهم بدمه لله.

قال يسوع: مَنْ قَبِلَ وَاحِدًا مِنْ أَوْلاَدٍ مِثْلَ هذَا بِاسْمِي يَقْبَلُنِي، وَمَنْ قَبِلَنِي فَلَيْسَ يَقْبَلُنِي أَنَا بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. (مرقس 9: 37). السَّمَاوَاتُ كُرْسِيِّي،  وَالأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ... وَإِلَى هذَا أَنْظُرُ: إِلَى الْمِسْكِينِ وَالْمُنْسَحِقِ الرُّوحِ وَالْمُرْتَعِدِ مِنْ كَلاَمِي. (إشعياء 1:66،2).

مشتهى الأجيال 414