أنتم نور العالم

16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. متى 5: 16

لا يوجد نور آخر أشرق أو سيشرق على الإنسان الخاطيء إلاّ ذلك النور المنبثق من المسيح. فيسوع المخلص هو النور الوحيد الذي يمكن أن ينير ظلمة العالم الذي وضع في الخطية. لقد جاء عن المسيح: فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس (يوحنا 1: 4). فإذ أخذ التلاميذ من حياته أمكنهم أن يصيروا حاملي النور. إنّ حياة المسيح في النفس ومحبته الظاهرة في الخلُق جعلتهم نوراً للعالم.

إنّ البشرية لا يوجد في ذاتها نور. فبدون المسيح نحن نشبه شمعة مطفأة, وكالقمر عندما يحول وجهه بعيداً عن الشمس, لا توجد فينا شعاعة واحدة من النور نلقيها على ظلمة العالم. ولكن إذ نتجه إلى شمس البرّ. ونتصل بالمسيح فالنفس كلها تستنير ببهاء نور الحضور الإلهي.

يجب على اتباع المسيح أن يكونوا أكثر من نور في وسط الناس. فهو نور العالم. يقول يسوع لكل من يُسمّون اسمه: لقد سلّمتم أنفسكم لي وأنا أعطيتكم للعالم نوابا عنّي. وكما أرسله الآب إلى العالم يقول هو: أرسلتهم أنا إلى العالم (يوحنا 17: 18). وكما أنّ المسيح هو القناة لإعلان الآب كذلك يجب أن نكون نحن قناة أو واسطة إعلان المسيح. وفى حين أن مخلصنا هو مصدر النور العظيم فلا تنس أيها المسيحي أنه يعلن عن طريق البشر. فبركات الله تُوزّع بوسائل بشرية. لقد أتى المسيح نفسه إلى العالم كابن الإنسان. فينبغي أنّ الطبيعة البشرية, متحدة بطبيعة اللاهوت, تلامس البشرية. إنّ كنيسة المسيح, كل فرد من تلاميذ المسيح, هو المجرى الذي عينته السماء لإعلان الله للناس. وملائكة المجد ينتظرون ليوصلوا عن طريقكم نور السماء وقوّتَها للنفوس الموشكة على الهــلاك. فهل يخفق العامـل البشرى في إتمام العمل الموكل إليه؟ آه, إلى هذه الدرجة يُسلَب العالم من قوة الروح القدس الموعود بها!

ولكن يسوع لم يأمر تلاميذه قائلا: جاهدوا لتجعلوا نوركم يضيء بل قال: ليضيء. فان كان المسيح يسكن في القلب فمن المستحيل إخفاء نور حضوره. وان لم يكن المعترفون بأنّهم اتباع المسيح نوراً للعالم فالسبب هو أنّ القوة الحيوية قد تركتهم, وإنْ لم يكن عندهم نور ليعطوه فسببُ ذلك عدمُ وجود صلة بينهم وبين نبع النور.

 

المعلم الأعظم: 361