"هكذا أقول لكم يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطىء واحد يتوب" لوقا 15: 10
مع كون الشيطان هو رئيس هذا العالم فقد صنع المسيح لنا إنقاذاً لكي ننجو من الخطية وننال الخلاص. سنبحث في الدرسين القادمين كيفية الخلاص والقبول.
يحتاج الجميع إلى مخلص
1. كم هم الذين أخطئوا وإحتاجوا إلى مخلص؟
"إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله" رومية 3: 23. "لأن أجرة الخطية هي موت. وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا" رومية 6: 23. حيث أن الجميع قد أخطأوا وأُخذوا في شباك إبليس فالجميع إذاً تحت حكم الموت ويجب أن يهتموا بأمر الخلاص.
2. لكي يطلب الخاطيء خلاصاً، ماذا يجب أن يفهم أولاً؟
"ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت؟ أشكر الله بيسوع المسيح ربنا" رومية 7: 24 و 25. لأن إهتمام الجسد هو عداوة لله. إذ ليس خاضعاً لناموس الله لأنه أيضاً لا يستطيع" رومية 8: 7.
الخطوة الأولى نحو الخلاص هي إدراك الخاطىء عجزه وحالته اليائسة وخير له أن يشعر بذنوبه وبحاجته إلى معونة الله الآن من أن يؤجل. إن المسيح واقف مستعد لمد يد المعونة وإنتشاله من الخطية.
رأى الرسول بولس أن لا رجاء للخاطىء ما دام في رق الخطية، لأن إهتمام الجسد هو عداوة لله، إذ ليس هو خاضعاً لناموس الله، لأنه أيضاً لا يستطيع، فصرّح قائلاً ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت. فكأني به وهو يُشبه الخاطىء بمن إرتبط بجسد ميت يستنشق منه جراثيم الفساد. وليس له قوة على تحرير نفسه منه، لأنه وإن كان الإنسان يصدق أن الناموس حسن ويرغب في أن يطيع أوامره إلا أنه عبد رقٍ لناموس آخر هو ناموس الخطية والموت الكائن في أعضاء جسده ولا يستطيع التغلب عليه فيصرخ مستنجداً "من ينقذني من جسد هذا الموت؟" نشكر الله تعالى قد سمع هذا الصراخ وأرسل لنا منقذاً هو المسيح يسوع.
3. كيف يصف إرميا عجز الخاطىء؟
"هل يغير الكوشي جلده أو النمر رقطه. فأنتم أيضاً تقدرون أن تصنعوا خيراً أيها المتعلمون الشر" إرميا 13: 23. لا يقدر النمر المرقط أن يغير جلده ولا الزنجي أن يصير أبيض اللون. أما الله فوحده يمكنه بإعجوبة أن يُحدث تغيرات كهذه. كذلك لا يستطيع الخاطىء شيئاً بقوة إرادته فحالته اليائسة تستدعي مخلصاً هو المسيح القائل: "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى. لم آتِ لأدعو أبراراً بل خطاةً إلى التوبة" مرقس 2: 17. هل يزور الطبيب إلا من يشعر بألم وبضرورة الإسعاف؟ فالخاطىء هو أيضاً يجب أن يشعر بعجزه ويطلب التخلص من الخطية.
تصور أنك ترمي إلى البحر الهائج حبلاً لنجاة غريقٍ تلاطمه الأمواج، ولك أن تتخيل إندفاعه للتمسك به طلباً للنجاة. إن السماء هكذا تدلي لنا بحبل الخلاص لئلا نغرق في بحر الشر والإثم فكم يجب علينا إذن أن يكون إندفاعنا شديداً للتمسك بهذا الحبل الذي ينجينا من الهلاك.
4. أي أمر خطير يواجهه الإنسان إذا أهمل الخلاص الموهوب له مجاناً؟
"لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه أو ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه" مرقس 8: 36 و 37.
نقلت الجرائد في المدة الأخيرة خبر وفاة رجل ثري للغاية ولكنه لم يسدد حساباً روحياً عن نفسه. فما النفع من ملايين الدولارات التي كنزها طالما هو غير قادر أن ينقلها إلى القبر معه؟ يقول الرسول بولس: "لأننا لم ندخل العالم بشيء وواضح أننا لا نقدر أن نخرج منه بشيء" 1تيموثاوس 6: 7. يضحي المرء بكل ما لديه لو إستطاع أن يشتري حياته من الهلاك. إن الحياة لا تباع ولا تشترى بكل مقتنيات الأرض.
لماذا يهمل الناس الحياة الأبدية ويعرضون عنها إلا لأنهم غارقون في حشد كنوز هذه الحياة الفانية. إذا اخذنا المعدل الأوسط للثروة المجمعة في آخر حياة الفرد لما زادت على العشرين درهماً من الذهب. فلماذا نبيع أنفسنا بهذا الثمن الزهيد؟ لماذا نهمل الحياة الأبدية؟ لماذا نذيب أيامنا في الأرباح والمسرات والأهواء الفاسدة؟ لماذا نضيع الرجاء بحياة أبدية لا نهاية لأفراحها؟ سيأتي يوم فيه يتأكد الناس إن إشباع هذه الشهوات العالمية الفاسدة كانت السبب في هلاكهم الأبدي.
السؤال الفائق الأهمية
5. أي سؤال ذي أهمية كبرى يسأله كل خاطىء؟
"ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص" أعمال 16: 30. حين يدرك الخاطىء التاعس حالته اليائسة وموقفه الحقير يصرخ بأعلى صوته "ماذا ينبغي أن أفعل لكي اخلص" فيأتيه الجواب.
6. الجواب المنعش
"آمن بالرب يسوع فتخلص" أعمال 16: 31. "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" يوحنا 3: 16.
في هاتين الآيتين نجد جواباً بيّناً لصراخ الخاطىء. كل من يؤمن بيسوع يجد الحياة الأبدية. لقد ترك المسيح الأمجاد السماوية وعاش على الأرض ثم مات على الصليب حاملاً خطايانا في جسده لننال الشفاء التام. يطلب الخروف الضائع ملجاً ياوي إليه فيجده في حظيرة المسيح القائل: "أنا هو الباب. إن دخل بي أحدٌ فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى" يوحنا 10: 9.
الخاطىء المهتدي إلى يسوع هو الخاطىء المهتدي إلى الخلاص. كان آدم وحواء كاملين مخلصين وسعيدين حتى وقعا في الخطية التي شوهت سعادتهما. أما الله فأراد إرجاع ما قد فقداه من سعادة وهناء وسلام ولقد هيأ لذلك تدبيراً لخلاصهما. كلما إقترب المرء إلى مخلصه كلما إقترب إلى الأفراح السماوية التي إزهرت بها جنة عدن قبل السقوط. يرغب الله في أن يجد المفتدون الفرح في الطاعة، والسعادة في الخضوع، ففي الخلاص رضى وفي الفداء سرور وفي النجاة إبتهاج وفي التسليم هدوء وسكينة.
7. أي رجاء جلبه يسوع للجميع؟
"الشعب الجالس في الظلمة أبصر نوراً عظيماً والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نور. من ذلك الزمان إبتدأ يسوع يكرز ويقول توبوا لأنه قد إقترب ملكوت السموات" متى 4: 16 و 17.
يذكر بعض المسيحيون مقدار ما ضحوه لأجل سيدهم بمنة. فيا أخي إعلم أن المسيح لا يطلب منا أن نتنازل عن ذرة صغيرة ما لم يكن هذا التنازل آيلاً لخيرنا. ماذا ضحى الأعمى لأجل المسيح؟ عماه. والأعرج؟ عرجه. والسكير؟ السم الناقع الذي كان يذهب بتفكيره وعقله وصحته ونقوده. والمقامر؟ المنضدة الخضراء التي تسلب الراحة والمال. جعل المسيح الخلاص سهل المنال للجميع فإذا لم نحصل عليه نكون رفضنا الإشتراك مع المسيح بملء إرادتنا.
إصغِ إلى ما يقوله بولس الرسول: "لأن الكتاب يقول كل من يؤمن به لا يخزى. لأنه لا فرق بين اليهودي واليوناني لأن رباً واحداً للجميع غنياً للذين يدعون به. لأن كل من يدعو بإسم الرب يخلص" رومية 10: 11-13.
8. كم من زمان للخلاص؟
"لكن كان لنا في أنفسنا حكم الموت لكي لا نكون متكلين على أنفسنا بل على الله الذي يقيم الأموات الذي نجانا (زمن الماضي) من موت مثل هذا وهو ينجي (زمن الحاضر) الذي لنا رجاء فيه أنه سينجي أيضاً فيما بعد (زمن المستقبل)" 2كورنثوس 1: 9 و 10.
يا لها من كلمات معزية ويا لها من محبة فائقة تلك المحبة والكلمات التي نقرأها. "ولكن الله بيّن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا" رومية 5: 8. نجانا في الماضي من خطايانا لأنه ونحن في حالة اليأس ولا رجاء عندنا مات لأجلنا. ينجينا في الحاضر من حالتنا الخاطئة ومن حكم الموت. سينجينا في المستقبل إذ يصوننا من سيادة الخطية وإليك ما يقوله الرسول يهوذا بهذا المعنى: "والقادر أن يحفظكم غير عاثرين ويوقفكم أمام مجده بلا عيب في الإبتهاج" يهوذا 24.
ليتبع الخاطىء يسوع متيقناً لأنه:
فعلامَ التواني أيها الخاطىء متردداً حيال هذا الخلاص التام وحيال هذه المحبة الفائقة الوصف وحيال هذا الرجاء المبارك؟ إن الباب لا يزال مفتوحاً لك فأقبل إليه وأنجُ من شباك إبليس.
اليوم يوم الخلاص
9. كم يجب أن ينتظر الخاطىء التائب حتى يقبله الله؟
هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص" 2كورنثوس 6: 2. في الحال تبرأ من خطاياك. إذا أذعنت لإرادته الآن فالآن تنال الخلاص.
يمتعض الشيطان من هذا التعليم عن قوة المسيح المخلصة وحالما يشعر الخاطىء بالإحتياج إلى الخلاص ترى الشيطان يوهمه بلزوم بقائه تحت الإمتحان مدة قبل أن يتمتع بالقبول.
"وقال الرب لنوح أدخل أنت وجميع بيتك إلى الفلك. لأني إياك رأيتُ باراً لدي في هذا الجيل" تكوين 7: 1. في تلك اللحظة نفسها حين دخل السفينة المهيأة تأمن خلاصهم الزمني من الطوفان. لقد قدم يسوع نفسه ذبيحة اثم وهو بإنتظارك أبداً لتخطو خطوة الخلاص حتى يباركك.
العبد الهارب من ظلم سيده لا يزال عبداً طالما هو لم يجتز حدود بلاد العبودية. أما وقد وضع قدميه في بلاد الحرية فهو حر من قيود السادة. لنا في حياة إسرائيل عدة إختبارات للخلاص. من برهة وجيزة لم يكن على العتبة دم الفصح، والبكر كان تحت عقاب الموت ثم صبغ الدم العتبة فإرتفعت عن ذلك البيت ضربة الأبكار. (خروج 12: 2-34). لا تؤجل يوم خلاصك بل اقبل دم الكفارة فدىً لك. "لانه يقول. في وقت مقبول سمعتك وفي يوم خلاص اعنتك. هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص" 2كورنثوس 6: 2. منذ مدة كان ينازع إسرائيلي على الرمال المحرقة من لدغة الحية ثم نظر إلى حية النحاس وشُفي. (عدد 21: 8 و9).
"وكما رفع موسى الحية في الربية هكذا ينبغي أن يُرفع إبن الإنسان" يوحنا 3: 14. إرفع نظرك إلى يسوع الآن فتحيا.
تأملات روحية
"فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره قد إبتدأ الرب بالتكلم به ثم تثبت لنا من الذين سمعوا" عبرانيين 2: 3. لا أمل بالنجاة من الدينونة إذا أهملنا فرصة الخلاص.
ليس في الخلاص من عرقلة ولا تعقيد بل هو غاية في البساطة. إذعان فقبول. لماذا يهمل الخطاة خلاصاً هذا مقداره معروضاً مجاناً على الجميع. "فإنه إن أخطأنا بإختيارنا بعد ما أخذنا معرفة الحق لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا" عبرانيين 10: 26.
الجريح الذي لا يرضى تحويل دم غيره لجسمه فهو حتماً مائتٌ بعناده. ليس من ذبيحة في كل خليقة الله تشفع في الخاطىء المستمر في خطيته والجاحد الخلاص بيسوع. أما الخاطىء فتقبله السماء بأيدٍ مفتوحة. "هكذا أقول لكم يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطىءٍ واحدٍ يتوب" لوقا 15: 10. أيها الصديق ألا تشعر بوجوب التسليم والإذعان إلى إرادة يسوع الآن؟!
صلاة
إليك أتقدم يا إلهي متوسلاً أن تعطيني القدرة لأسير معك في الطريق السوي. ساعدني لأدرك أن الموت المحتم رابض خلف الخطية وإبليس، وأن الحياة الأبدية هي في تسليم نفسي بكاملها لك. إجعلني أن أمد يدي الآن إلى يديك الممدوتين إلى مساعدتي. وهذا اطلبه بإسم الفادي يسوع. آمين.