ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته لِيَرُدَ قلوب الآباء الى الأبناء والعُصاة الى فكر الأبرار لكي يُهيئ للرب شعباً مُستعداً. لوقا 1: 17
واليوم كما فى أيّام إيليّا يبدو الخط الفاصل بين شعب الله الحافظ وصيته وبين عابدي الآلهة الكاذبة واضحاً جداً - لقد صرخ إيليّا قائلاً: حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ. إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللهَ فَاتَّبِعُوهُ وَإِنْ كَانَ الْبَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ. (1ملوك18 :21). والرسالة الموجّهة إلى عصرنا هي التالية: سَقَطَتْ سَقَطَتْ بَابِلُ الْعَظِيمَةُ .. اخْرُجُوا مِنْهَا يَا شَعْبِي لِئَلاَّ تَشْتَرِكُوا فِي خَطَايَاهَا وَلِئَلاَّ تَأْخُذُوا مِنْ ضَرَبَاتِهَا لأَنَّ خَطَايَاهَا لَحِقَتِ السَّمَاءَ وَتَذَكَّرَ اللهُ آثَامَهَا. (رؤيا18 :2،4،5).
والوقت الذي فيه يُمتحن كلّ إنسان ليس بعيداً. وسيَلِحُّ علينا الآخرون بل يحاولون إرغامنا على حفظ السبت الزائف. وسيشتدُّ النزاع بين وصايا الله ووصايا الناس. فالذين خضعوا لأوامر العالم خطوة فخطوةً واستكانوا للعادات الدنيويّة وسيرضخون للسلطات الحاكمة بدلاً من تعريض أنفسهم للسخريّة والإهانات والتهديد بالسجن والموت. وفي ذلك الحين سيُعزل الذهب عن الزغل وستمتاز التقوى الحقيقيّة على صورتها ومظهرها الكاذبين. وكثيراً ما يحدث أن نرى نجماً باهراً أعجبنا بلمعانه وإذا بنا نراه يهوي بين أحضان الظلام. فالذين يدّعون أنّهم تزيّنوا بزينة المقدس ولم يتسربلوا ببرّ المسيح سيظهرون حينئذ مجللين بعار عريهم.
يوجد بين سكّان الأرض المنتشرين في كلّ مكان جماعة لم يحنوا ركبهم لبعل. وسيضيءُ هؤلاء كنجوم السماء التي تظهر في الليل فقط عندما تُغطّي الظلمة الأرض والظلام الدامس الأمم. ففي افريقيا الوثنيّة وفى الممالك الكاثوليكيّة في أوروبا وأمريكا الجنوبيّة والصين والهند وجزائر البحار وفي كلّ زوايا الأرض المظلمة أبقى الله نخبةً من المختارين الذين سيشرقُ نورهم في وسط الظلمة معلنين بكلّ وضوح للعالم المرتدّ القوّة المغيرة، قوّة الطاعة لشريعته. وهم يظهرون الآن في كلّ أمّة وبين كلّ لسان وشعب. وعندما يبذل الشيطان قصاراه في أحلك ساعات الارتداد ليجعل الْجَمِيعَ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ وَالأَغْنِيَاءَ وَالْفُقَرَاءَ وَالأَحْرَارَ وَالْعَبِيدَ (رؤيا13 :16). يقبلون سمة الولاء ليوم راحة زائف تحت قصاص الموت، فهؤلاء الأمناء الذين هم بِلاَ لَوْمٍ وَبُسَطَاءَ أَوْلاَدًا ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ.. يُضِيئُونَ .. كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ ) (فيلبى2 :15 ). وكلّما اشتدّت حلوكة ظلام الليل زاد لمعان نورهم.
كم كان عمل إيليّا يبدو غريباً عندما أحصى إسرائيل في الوقت الذي كانت أحكام الله تنزل على الشعب المرتدّ. لم يكن يوجد، في رأيه، غير رجل واحد فقط فى جانب الربّ. ولكن عندما قال: بقيت أنا وحدي وهم يطلبون نفسي، أدهشه كلام الربّ حين قال له: أبقيت في إسرائيل سبعة آلاف كلّ الركب التي لم تجث للبعل (1ملوك19 :4،18).
إذاً فلا يحاول أحد أن يُحصي شعب الله اليوم، بل ليكن لكلّ واحد قلب لحم، قلب رقيق عطوف، كقلب المسيح يتوق لخلاص العالم الهالك.
الانبياء والملوك 149