قال المسيح: 13بَلْ إِذَا صَنَعْتَ ضِيَافَةً فَادْعُ: الْمَسَاكِينَ، الْجُدْعَ، الْعُرْجَ، الْعُمْيَ، 14فَيَكُونَ لَكَ الطُّوبَى إِذْ لَيْسَ لَهُمْ حَتَّى يُكَافُوكَ، لأَنَّكَ تُكَافَى فِي قِيَامَةِ الأَبْرَارِ. (لوقا14: 12-14).
هؤلاء هم الضيوف الذين لا تُكلّفك استضافتهم كلفة عظيمة. فلن تكون بك حاجة أن تُعد لهم وليمة فاخرة أو مُكلفة, ولن تحتاج إلى عمل شيء للتفاخر. إنّ حرارة الترحيب السارّ, وإفساح مكان لضيف ليجلس أمام مدفأتك, أو للجلوس إلى مائدتك, أو امتياز اشتراكه معك في بركة ساعة الصلاة, ستبدو في نظر كثيرين من أمثال هؤلاء وكأنّها لمحة من سعادة السماء.
يجب أن تنبض عواطفُنا فتتعدّى حدود الذات ونطاق الدائرة العائليّة. توجد فرص ثمينة لمن يريدون أن يجعلوا بيوتهم بركة للغير. إنّ التأثير الاجتماعي قوّة مدهشة. وإذا أردنا يمكننا استخدامها كوسيلة لمساعدة من حولنا.
ينبغي أن تكون بيوتنا ملاذاً للشباب المُجرّبين. يوجد كثيرون ممن يقفون في مفترق الطرق. فكلّ تأثير وكلّ انطباع إنّما يقرّر الاختيار الذي يُشكّل مصيرهم هنا وفي الأبدية. إنّ الشرّ يستهويهم. ومواطنَه لامعة ومنيرة وجذابة. وهي ترحّب بكلّ قادم إليها. ويوجد حولنا من كلّ جانب شباب لا مأوى لهم. وكثيرون لا يوجد في بيوتهم قوّة مساعدة تسمو بالنفس, لذلك ينساق الشباب إلى الشرّ. وهم ينحدرون إلى الهلاك ضمن ظلال أبواب بيوتنا.
هؤلاء الشباب هم بحاجة إلى يد عطوف تمتدّ إليهم. فكلمات الرقّة التي تقال ببساطة مع قليل من الاهتمام الذي يقدّم ببساطة كفيلة بأن تكتسح سحب التجارب التي تتجمّع في سماء النفس. إنّ التعبير الصادق للعطف الذي هو وليد السماء لديه القوّة على فتح القلوب التي هي بحاجة إلى عبير الكلام المسيحي واللمسة البسيطة الرقيقة, لمسة روح محبّة المسيح. فإذا أظهرنا الاهتمام بالشباب ودعوناهم إلى بيوتنا وأحطناهم بالمؤثرات المبهجة المُعّينة فإنّ كثيرين منهم سيغيرون خطّ سيرهم, وبكلّ سرور يسيرون صُعداً في طريق التقدّم.
إنّ مدّة وجودنا في هذا العالم قصيرة. ولا نجتاز في هذا الطريق غير مرّة واحدة. ففيما نحن سائرون لنستخدمَ الحياةَ أفضلَ استخدامٍ. والعمل الذي نحن مدعوون للقيام به لا يتطلّب مالاً أو مركزاً اجتماعياً أو مقدرة عظيمة. إنّما هو يتطلّب روحاً مشفقة منكرة لذاتها وعزماً وطيداً. إنّ المصباح مهما يكن صغيراً فلو حُفظ منيراً قد يكون واسطة في إنارة مصابيح أخرى كثيرة. قد يبدو محيط تأثيرنا ضيـّقاً وقد تبدو مقدراتنا ضئيلة والفرص التي لدينا قليلة وعلومنا محدودة, ومع ذلك فإنّ لنا إمكانيات مدهشة عن طريق استخدامنا للفرص التي تتيحها بيوتنا بكلّ أمانة. فإذا فتحنا قلوبنا وبيوتنا للمبادئ الإلهيّة للحياة فسنصير قنوات تجري فيها أنهار القوّة المُحيية. وستجري من بيوتنا ينابيع الشفاء مانحة الحياة والجمال والخصب حيث يوجد الآن الجدب والقحط.
خدمة الشفاء 275 و 276