فَتِّشُوا فِي سِفْرِ الرَّبِّ وَاقْرَأُوا. وَاحِدَةٌ مِنْ هذِهِ لاَ تُفْقَدُ. لاَ يُغَادِرُ شَيْءٌ صَاحِبَهُ، لأَنَّ فَمَهُ هُوَ قَدْ أَمَرَ، وَرُوحَهُ هُوَ جَمَعَهَا. إشعياء 34: 16
ينبغي أن تكون كلمة الله موضوع دراستنا. وعلينا أن نُعلّم أولادنا الحقائق المدونة فيها. إنّها كنز لا ينفد ولكن الناس يخفقون في العثور على هذا الكنز لأنهم لا يفتشون حتى يصير في حوزتهم. إنّ كثيرين جداً يقنعون بالظنّ والافتراض في أمر الحق. يقنعون بدرسٍ سطحي إذ يحسبونه أمرا مُسَلّماً به أنّهم قد حصلوا على كل ما هو جوهري. فهم يعتبرون أقوال الآخرين أنّها الحق إذ أنهم متكاسلون جدا عن أن يشرعوا بأنفسهم بجدٍ وغيرةٍ في العمل المرموز إليه في الكتاب بالحفر بحثا عن الكنز المخفي. ولكنّ اختراعاتِ الناس فضلاً عن أنها لا يُعتمد عليها فهي خطرة لأنها تضع الإنسان حيث يجب أن يكون الله. وهي تضع أقوال الناس حيث يجب أن يكون "هكذا قال الرب".
إنّ المسيح هو الحق. وأقواله حق ولها معنى أعمق مما يبدو حسب الظاهر. إنّ كل أقوال المسيح لها قيمة أعظم مما تبدو على بساطتها. والعقول التي قد أحياها الروح القدس تميّز قيمة هذه الأقوال. سيكتشفون جواهر الحق الثمينة مع أنّ هذه قد تكون كنوزاً مخفية.
إنّ النظريات والأفكار البشرية لن تقود إنسانا لفهم كلمة الله. وإنّ الذين يظنون أنهم يفهمون الفلسفة يحسبون أنّ شروحهم لازمة للكشف عن كنوز المعرفة ومنع الضلالات داخل الكنيسة. ولكنّ هذه الشروح بعينها هي التي أدخلت النظريات الكاذبة والهرطقات. لقد بذل الناس جهودا يائسة في شرح ما ظنّوه فصولا معقدة من الكتاب. ولكنّ في غالب الأحيان لم تعمل جهودهم هذه إلاّ على زيادة غموض ما قد حاولوا إيضاحه.
لقد ظن الكهنة والفريسيون أنّهم كانوا يعملون أعمالا عظيمة كمعلمين بتقديم تفسيرهم لكلمة الله، ولكن المسيح قال عنهم: "لا تعرفون الكتب ولا قوة الله" (مرقس 24:12). وقد اتّهمهم المسيح بذنب كونهم: "يعلمون تعاليم هي وصايا الناس" (مرقس 7:7). فمع أنّهم كانوا معلمي أقوال الله، ومع أنه كان مفروضا أنهم يفهمون كلمته فإنّهم لم يكونوا عاملين بالكلمة. لقد أعمى الشيطان عيونهم حتى لا يروا معناها الحقيقي.
وهذا ما يعمله كثيرون في يومنا هذا، إذ توجد كنائس كثيرة مذنبة بهذه الخطية. فهناك خطر عظيم من أنّ حكماء العالم المزعومين اليوم يفعلون نفس ما فعله معلّمو اليهود. إنّهم يفسرون أقوال الله كذبا فيحيق الارتباك بالنفوس وتكتنفهم الظلمة بسبب عدم إدراكهم للحق الإلهي.
لا حاجة لقراءة الكتب المقدسة على نور التقليد المظلم أو الآراء البشرية. إنّ شرح الكتب المقدسة بالتقاليد أو التصورات البشرية هو كمحاولتنا أن ننير الشمس بمشعل. إنّ كلمة الله المقدسة هي في غير حاجة إلى ضوء المشاعل الأرضية لكي يُرى مجدُ لمعانها واضحا وجليا. إنّها نور في ذاتها – مجد الله المُعلن وبدونها يبدو كل نور ظلاما.
المعلم الأعظم 74-75